الثلاثاء، 3 يونيو 2008

الديمقراطية و" التْفرشِيخْ" والبرلمان

بحثت عن مادة"ف.ر.ش.خ" في القواميس العربية، لكن لم أعثر عنها، فاستعنت بالذاكرة الشعبية عساني أجد ضالتي، فاقتنصت جوابا في بعض العبارات التي تلامس معنى ودلالة الكلمة، من ذلك " خْلي دار بٌوه، كمّد لُو عْظامو،هرّس لو ضْلوعو...".
هذا المصطلح كثيرا ما يطفو على سطح الأحاديث التي تدور رحاها حول الخصومات والمشاجرات التي تكون فيها الغلبة للقوة.
لكن للكلمة" التفرشيخ" تداولات أخرى، إذ تنتعش في أوساط فئة اجتماعية، تعتبر من خيرة ما أنجبته الجامعة المغربية ، إنها " الأطر العليا المعطلة"، المعتصمة بشوارع الرباط منذ سنتين؛ فكثيرا ما يتردد المصطلح، في الحوارات والنقاشات التي تدور بين هؤلاء الأطر" كِي بْقيت من تْفرشيخت لْبارح".
إنها معاناة يومية ومأساة حقيقية لأطر انتزع منها حقها المشروع في الولوج لأسلاك الوظيفة العمومية، وبذلك حرمت من مطلب شرعي تضمنه كل النواميس والقوانين.
وعندما تحاول أن تحتج بطرق سلمية، تقف أمامها العصا السوداء ، فلا تسمع إلا" طَقْ طق "، ليرتفع الأنين وتتعالى الآهات. فضريبة الحصول على حقك في الشغل، هي أن تعرض جسدك للاستباحة و" التفرشيخ".
ثقافة كرستها الحكومات المتعاقبة، عندما ترفض الإنصات إلى هموم ومشاكل الأطر العليا، و عوض أن تنصفها، نراها ترسل فيالق من" القوات المساعدة ومحاربة الشغب"، لكي تلقنهم درسا من دروس الديمقراطية المغربية، وبندا آخر من برامج الأحزاب المشاركة في الحكومة تعمدت عدم إدراجه في حملتها الانتخابية؛ حتى تفاجئ به الأطر العليا وأسرهم.
صورة مشينة، يرفضها كل تواق للحرية والانعتاق، وكل غيور عن أبناء وطنه، من المفروض أن الحكومة قد وجدت له الحل، عندما طبّلت وأشاعت بأنها خصصت مؤخرا 16 ألف منصب شغل في ميزانية 2008. لكن واَسفاه، لم تستطع حل مشكل بعض مئات الأطر العليا. لينطبق عليهم قول أحد الشعراء:مأساتنا أن أصواتنا أكثر من قاماتنا، بالطبلة والمزمار لا يصنع انتصار.
و عوضا عن ذلك تكتفي الحكومة ووزرائها بالتفرج من خلف الزجاج الخلفي للبرلمان على مشهد يتكرر يوميا اسمه" الديمقراطية والتفرشيخ والبرلمان".

خــالــد هـلالي ma_ahlan@hotmail.com
جريدة رسالة الأمة عدد 7876 في 02/06/2008
جريدة العدالة والتنمية عدد 129في 2-3/06/2008